سجّل الاقتصاد الجزائري أداء إيجابيا في السنوات القليلة الماضية رغم استمرار التوترات الجيوسياسية والاضطرابات في سوق المحروقات، حيث وضع صندوق النقد الدولي الجزائر في المرتبة الثالثة، ضمن أهمّ اقتصادات إفريقيا، سنة 2024، إذ ارتفع الناتج الداخلي الخام الجزائري إلى 266.78 مليار دولار، متوقعًا نسبة نمو بنحو 3.8%.
الإصلاحات السياسية والمؤسساتية سمحت بمباشرة إصلاحات اقتصادية واسعة، بهدف تنويع المداخيل والتقليل من التبعية للمحروقات، وهو ما جسده قانون الاستثمار الجديد الذي تضمّن تسهيلات كبيرة للمستثمرين الوطنيين والأجانب ووضع منصة رقمية للمستثمر.
وشهدت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تسجيل أزيد من 8400 مشروعا استثماريا إلى غاية نهاية جويلية الماضي بقيمة مالية تقارب 3.840 مليار دج، والتي توقعت توفير 210.000 منصب شغل مباشر، حيث بلغ عدد مشاريع المتعاملين الأجانب التي سجلتها الوكالة 154 مشروعا، منها 55 استثمارا أجنبيا مباشرا و99 مشروعا آخر في إطار الشراكة.
وأطلقت الجزائر عديد المشاريع الاستثمارية الكبرى في السنوات الأخيرة، بداية بمركّب “بلارة” للحديد والصلب بولاية جيجل،0 والذي يتربع على مساحة تقدر بـ 216 هكتارا، ويطمح إلى إنتاج 1.8 مليون طن من الحديد برقم أعمال يقارب 160 مليار دينار جزائري مع مواصلة رفع القدرة الإنتاجية.
وتمكّن مجمع “توسيالي” الجزائر للحديد والصلب، من احتلال المراتب الأولى في القارة الإفريقية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، عبر تصدير منتجاته نحو 24 دولة، ويطمح إلى بلوغ ملياريْ دولار من الصادرات، خاصة أنه يضم أحد أكبر الأفران الصناعية على المستوى الإفريقي.
ويعد منجم غارا جبيلات أكبر استثمار منجمي بالجزائر منذ الاستقلال، ومن شأنه الدفع بعجلة التنمية في منطقة الجنوب الكبير، إلى جانب مشروع خط السكة الحديدية الرابط بين بشار وتندوف على طول 950 كلم.
كما يعتبر مشروع الفوسفات المدمج بالشراكة مع الصين بحجم استثمارات يفوق 7 مليارات دولار أحد أهم المشاريع التي تعوّل عليها الجزائر لترسيخ مكانتها الاقتصادية ضمن الدول الرائدة في تصدير الفوسفات.
كما أقرّت السلطات العليا للبلاد عدة تدابير وإجراءات لدعم وتشجيع القطاع الفلاحي، وإعادة بعث الاستثمار الفلاحي، بهدف الاكتفاء الذاتي وكسب رهان الأمن الغذائي.
وشرعت الجزائر في تجسيد مشروع ضخم مع شركة “بلدنا” القطرية بالجنوب الجزائري، لإنتاج الحليب المجفف بقيمة 3.5 مليارات دولار، ومن شأن هذا المشروع استحداث 5000 منصب شغل.
بالإضافة إلى مشروع متكامل برفقة الشريك الإيطالي لإنتاج القمح الصلب والبقوليات والبذور والعجائن بولاية تيميمون، باستثمار قدره 420 مليون يورو.
وسيسمح للجزائر بالولوج إلى الأسواق الإفريقية وتعزيز مبادلاتها التجارية مع الدول الشقيقة، من خلال مشروع طريق يربط بين تندوف (الجزائر) وزويرات (موريتانيا) على مسافة 840 كلم، من طرف المؤسسات الجزائرية.
ولعل أبرز المشاريع ذات البعد الإقليمي الهائل، والتي تربط الجزائر بالنيجر ونيجيريا، أنبوب الغاز العابر للصحراء الذي يتوقع منه أن ينقل سنويا 30 مليار متر مكعب نحو أوروبا.
وتشهد مؤسسة الإسمنت ومشتقاته بالشلف، انتعاشا كبيرا في السنوات الماضية، بعد زيادة عدد الوحدات الإنتاجية بها، كما يشهد المصنع الجديد لمعالجة مادة كربونات الكالسيوم بمعسكر ديناميكية قوية.
وبحاسي الرمل التي تحتضن أكبر حقول إنتاج الغاز الطبيعي بالجزائر، شاركت 20 مؤسسة جزائرية في إنجاز وحدة لتعزيز الغاز، مزوّدة بأحدث التكنولوجيات، وتهدف إلى تطوير القدرات الإنتاجية للحقل، وقد جرى تسليم المشروع في الآجال المحددة.
وينتج مركّب الوطاية ببسكرة التابع للمؤسسة الوطنية للملح 80 ألف طن سنويا، ما يسمح بتغطية احتياجات السوق الوطنية من المواد الصناعية والغذائية وشبه الصيدلانية وتقليص فاتورة الاستيراد والتوجه إلى التصدير نحو الدول الإفريقية والأوروبية.
وقد سجل بنك الجزائر معدلات نمو ملحوظة سنوات 2021 و2022 و2023 على التوالي، بنسب تراوحت بين 3.8% و3.6% و4.1%.