لا تزال منطقة “الحوز” بالمغرب التي ضربها زلزال مدمر, قبل حوالي عام, تعيش مأساة متعددة الجوانب في ظل عزلة تامة فاقمتها سياسات التهميش والاهمال التي تنتهجها الحكومة في التعاطي مع ملف المتضررين الذين لم يجدوا سبيلا سوى الخروج للاحتجاج عن الظلم والاقصاء, فيما تبقى عملية إعادة الاعمار تراوح مكانها.
وقبيل أيام على حلول الذكرى السنوية الأولى لفاجعة الحوز, لا يزال سكان المنطقة يعيشون في الخيام ويفترشون الأرض في ظروف قاهرة, بينما تسير عملية “إعادة الاعمار” التي تعهدت بها الحكومة “ببطء شديد”, مما يفاقم من معاناة المتضررين الذين وجدوا أنفسهم أمام إدارة تنتهج سياسة “المكاتب المغلقة” وتطبق “الأساليب البائدة للتهرب من المسؤولية”.
وفي سياق احتجاجاتهم المتواصلة تنديدا بهذا الوضع, يستعد سكان الحوز المتضررون من الزلزال لتنظيم وقفة سلمية يوم 28 أغسطس الجاري, سعيا لإعلاء أصواتهم المعبرة عن الاستياء والألم وللمطالبة بحفظ الكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ورغم النداءات المستمرة من طرف الأسر المتضررة ومن طرف الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية, إلا أن إعادة إعمار المناطق المتضررة تراوح مكانها, فيما تواجه الدولة سيلا من الانتقادات الواسعة لطريقة توزيع الدعم المخصص للضحايا.
وتسلط تقارير مغربية و دولية الضوء باستمرار على معاناة ضحايا الزلزال, حيث سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في آخر بيان لمكتبها المركزي ب”أسى كبير” ما أسمته ب”تماطل الدولة في إعادة تعمير المناطق المتضررة من الزلزال خاصة وأن مجموعة من المناطق المتضررة لم تستفد من أي دعم من طرف الجهات المسؤولة”.
وفي هذا الإطار, استنكرت الجمعية الحقوقية ب”شدة” تماطل الدولة في إعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز, خاصة وأن مجموعة من المناطق لم تستفد من أي دعم من طرف الجهات المسؤولة”, منددة في السياق ب”التعامل القمعي للسلطات المعنية مع سكان المنطقة ولجوئها إلى اعتقال مجموعة من نسائها من طرف فرقة للدرك الملكي ووضع احداهن رهن الاعتقال و الحكم عليها بشهر سجنا نافذا”.
وعلى صعيد متصل, سجل تقرير حديث للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أن “الوضع يتطور ببطء فيما يتعلق بإزالة الأنقاض وإعادة الإعمار. ولا تزال العديد من الأسر تعيش في ظل العواقب المدمرة للزلزال ولا تزال الصدمة حاضرة بقوة”.
وأبرز ذات التقرير أن “العديد من ضحايا زلزال الحوز لا يزالون يعيشون في مخيمات قريبة من منازلهم أو مواقع نزوح جماعية أو ملاجئ غير رسمية تفتقر إلى المرافق الأساسية والخدمات الضرورية والأمن والخصوصية”, منبها إلى أن ضحايا الزلزال “معرضون لعدة مخاطر على رأسها خطر انتشار الأمراض مع تعطل خدمات الرعاية الصحية الأولية والافتقار لمصادر دخل تضمن العيش الكريم …”.
كما لفت التقرير ذاته إلى أن “الأضرار الجسيمة للزلزال أدت إلى الحد من إمكانية الوصول إلى سبل العيش في المجتمعات المتضررة حيث يعتمد العديد من الأشخاص في المناطق النائية على تجارة المقايضة من أجل البقاء وقد وجدوا مواردهم مدمرة أو أصبح من الصعب الوصول إليها تحت أنقاض منازلهم المتضررة”.
ورغم تأثر سبل العيش بسبب فقدان الموارد والأصول والماشية إلا أنه بالنسبة للعديد من الأسر المتضررة لايزال التفكير في استعادة الظروف المعيشية الطبيعية “أمرا سابقا لأوانه” ويظل الانتقال إلى منزل مناسب هو الأولوية بالنسبة لها”, يضيف التقرير.